السبت، 30 أغسطس 2014

الناصر الدامرجي سفاح نابل

كان يستدرج الاطفال ويردفهم خلفه على دراجته ..
يوم صيفي حار في قرية ريفية و على قارعة أحد الطرقات كانت تقف أختان , الكبرى في الرابعة عشر من عمرها و الصغرى لم تتجاوز العشر سنوات , كانتا تبيعان التين الشوكي . مرّ من هناك ورآهما , حّثته نفسه بأن يستدرج الفتاة الكبرى و يقوم باغتصابها ثم يقتلها .. تقدّم منها و عرض عليها أن تصطحبه إلى مزرعته حيث هناك الكثير من ثمار التين الشوكي الذي تستطيع أن تجمعه و تبيعه بمقابل مادي يتفقان عليه , رفضت الفتاة الفكرة و قالت له أنها لا تستطيع الذهاب معه قبل أن تبيع ما لديها من ثمار .. فما كان منه إلا أن يراقبها من مكان قريب إلى أن خلا الطريق من المارة و باعت الفتاتان ما عندهما من ثمار .. هنا تقدم منها مرة أخرى أقلّها خلفه على دراجته النارية الحمراء التي أصبحت علامة مميزة له لكن الفتاة الصغيرة لم تستطع ترك أختها تذهب بمفردها ركضت خلف الدراجة النارية .. و خاف هو من افتضاح أمره فأقلها هي الأخرى و أخذ البنتان إلى مزرعته .
في غرفة في تلك المزرعة النائية هدد الفتاتان بسكين مطبخ , ترك الصغرى و باشر الاعتداء على الكبرى "هندة" ذات الأربعة عشر عاما , بكت الصغرى" حنان "و صرخت عندما أحست أن أختها في خطر محدق , انزعج هو من صراخ الفتاة الذي افسد عليه متعته باغتصاب أختها , اخذ السكين و غرسه في قلب حنان فأنتفضت حتى فاضت روحها .
تركها و عاد ليكمل متعته مع هندة وبعد أن قضى وطره منها غرز نفس السكين في قلبها ففارقت روحها جسدها, حفر حفرة تحت سريره و دفن الجثتين .

ماذا حدث ؟؟

الناصر الدامرجي خلال التحقيق معه ..
إنها آخر جريمة ارتكبها اخطر سفاح عرفته تونس في تاريخها سفاح نابل الناصر الدامرجي الذي دخل إلى الذاكرة الجماعية من أسوا باب .. "باب قتل الأطفال و اغتصابهم " .
وهو آخر مجرم طبقت عليه عقوبة الإعدام في تونس سنة 1994 بعد محاكمة تاريخية حضرها الناس من كل الولايات و تمت تحت حراسة أمنية مشددة .
من هو الناصر الدامرجي ؟
هو ابن غير شرعي لبائعة هوى تدعى حورية تعرفت سنة 1943 على شاب من ريف زغوان و حملت منه سفاحا ,علاقتها به تسببت بدخولها إلى السجن و هي حامل و أنجبت ابنها في مستشفى شارل نيكول بتونس العاصمة .
تزوجت بعد مغادرتها السجن من فلاح بسيط و سجلت ابنها باسمه .
الناصر الدامرجي لم يعرف والده البيولوجي إلا بعد مضي ثلاثين سنة لذلك نشأ محروما من حنان الأب .
كل من عرفه يقول بأنه شخص قبيح المنظر, قصير القامة ,ملتحي بنيته الجسدية لا تدل على انه قادر على ارتكاب جرائم قتل مثل التي ارتكبها .
هو أيضا شخص ذكي جدا متمكن من اللغة الفرنسية بشهادة الأطباء و المختصين النفسانيين الذين باشروا حالته , درس في طفولته بمدرسة أطفال بورقيبة ثم انقطع عن التعليم ليعمل في الفلاحة , سافر إلى فرنسا سنة 1964 بعد أن خطب ابنة خالته التي أحبها و عاد سنة 1968 ليجد خطيبته قد تزوجت من رجل آخر و هذا ما أجج نار الانتقام بداخله , لكن انتقامه لم يبدأ إلا بعد مرور 20 عاما و قام بقتل ابن خطيبته السابقة سنة 1988 .
كان الناصر الدامرجي يعمل بمجال الفلاحة يستأجر المزارع و يعمل بهمة جعلته في حالة مادية جيدة فهو لا يعاني من مشاكل مادية بالعكس كان شخصا ناجحا في جني المال لكنه رغم ذلك يعاني من عقد نفسية جعلت منه سفاحا .

جرائمه

وضع احد يديه على فمه ليمنعه من الصراخ ..
أول جريمة ارتكبها الناصر الدامرجي كانت في حق طفل هو محمد علي كل ذنبه أن الصدفة وضعته في طريق السفاح يوم 15 جوان 1987 حوالي منتصف النهار لمحه على حافة الطريق يشير إليه بالوقوف و توقف و اقله معه على متن دراجته النارية الحمراء لكنه عرض عليه الذهاب معه إلى مزرعته ليساعده في جني ثمار اللوز بمقابل مادي , رحب الطفل بالفكرة و رافقه للمكان , هناك تسلق إحدى أشجار اللوز , لم يكن الناصر ينوي قتله لولا انه لمحه شبه عار و هو فوق الشجرة فلم يستطع تمالك نفسه و أراد التعدي عليه فعرض عليه مشاركته في تناول الطعام ثم أعرب له عن نيته في مفاحشته مغريا إياه بالمال لكن الطفل رفض و حاول الفرار . هنا لحق به الناصر ووضع إحدى يديه على فمه ليمنعه من الصراخ و ضغط بيده الأخرى على رقبته حتى فارق الحياة , ظن انه أغمى عليه وضعه في الفراش , حاول أن يفيقه حتى مرت 6 ساعات فيئس من نجاته و أخذه ليدفنه في مزرعته .. و من هنا اكتشف طريقة رائعة للقتل .
بعد ارتكابه لجريمته الأولى أصابه الخوف من اكتشاف أمره و امتنع عن ارتكاب جريمة أخرى , لكن هذا الامتناع لم تطل مدته , فسرعان ما ارتكب جريمة خلال سنة , و ذلك في شهر فيفري 1988 , هذه الجريمة راح ضحيتها شاب اسمه الحبيب ذنبه انه جمعه المكان نفسه مع الناصر السفاح و مثل الجريمة الأولى أراد الناصر مفاحشة الحبيب الذي يبلغ من العمر 18 سنة و هو تقريبا اكبر ضحايا السفاح سنا و كان جزاء رفضه الموت خنقا و مفاحشته و هو ميت بعد ذلك تفنن الناصر في إخفاء الجثة .
تعوّد الناصر على القتل و عرف أن الخنق وسيلة جيدة و سهلة و فعالة و كان بارعا في إخفاء الجثث .
يعيد تمثيل احدى جرائمه امام الشرطة ..
بدأ يستخدم مهاراته في القتل و توالت الجرائم و ارتفع عدد الضحايا الأطفال وبدا يتخذ القتل وسيلة لتصفية حساباته القديمة , و فورا تذكر خطيبته السابقة التي خانته أثناء تواجده في فرنسا للتزوج من غيره , حاول إغراءها بالمال لتطلق زوجها و تعود إليه لكنها رفضت , بحث طويلا عن طريقة للانتقام منها , و وجد نقطة ضعفها , انه ابنها الوحيد الذي تحبه كثيرا , أراد أن يحرمها منه مثلما حرمته هي من حبها , رمزي عمره 13 سنة تتبعه الناصر و عرف كل تحركاته , لكنه قرر أن يترك الأمر للصدفة , و شاءت الصدف أن تضع رمزي أمام الناصر يوم 26 جانفي 1988 .
كالعادة وجد سيناريو لاجتذابه و أخذه معه إلى وادي به مزرعة و بيت مهجور , هناك مرت بباله ذكرياته المرّة مع والدته ففعل به اشياء مقززة , اعتدى عليه بالفاحشة و بآلة حادة و كان رمزي هو الضحية الوحيدة التي اعتدى عليها السفاح بوحشية , هذه كانت الجريمة الرئيسية للسفاح , كان هدفها الانتقام لقصة حب فاشلة , بعدها توالت جرائمه إلى أن وصل عدد الضحايا من الأطفال إلى 13 طفلا تترواح أعمارهم بين 10 و 18 عاما .

القبض على السفاح

برنامج رفعت الجلسة .. حلقة خاصة عن الناصر الدامرجي ..
قبل إيقاف الناصر الدامرجي تم إيقاف العديد من المشكوك فيهم , من بينهم الناصر نفسه , و تم إطلاق سراحه لعدم كفاية الحجة , لكن تم إيقافه مرة أخرى , و هذه المرة هرب , و في فترة هروبه اقترف جرائم أخرى , و المرة الثانية كانت هي الأخيرة و التي اعترف فيها الناصر الدامرجي بجرائمه التي صدمت الرأي العام .
رفض المحامون في تونس الدفاع عنه فكلفت المحكمة محام للدفاع عن السفاح , محامي الناصر الدامرجي يقول أن السفاح في لقائه به ذكر انه تنتابه نوبات يشعر فيها بالحرارة تجتاح جسده و يرتكب أثرها جرائمه دون أن يرف له جفن .
من منظور علم النفس "الناصر الدامرجي مجرم جنسي جرائمه تدخل في إطار اضطرابات الشخصية التي تتميز بعدم التكيف مع المجتمع و الحالة النفسية هذه لا تعفي السفاح من تحمل المسؤولية القانونية للجرائم التي ارتكبها " .
يقول الاختصاصي النفسي الذي باشر حالته انه شخص مصاب بحب التملك معتل اجتماعيا و عقليا يعاني من البيدوفيليا - الولع الجنسي بالأطفال - و بعض اضطرابات الشخصية , و يقول الطبيب المشرف على استخراج الجثث انه أثناء تشخيص السفاح لجرائمه و استخراج الجثث كان يتمتع بدم بارد و لم تبد عليه أية علامة من علامات الندم بل كان يلقي النكات من حين لآخر .
أسدل الستار عن قضية الناصر الدامرجي بعد أن صدر في حقه حكم بالإعدام في 17 نوفمبر 1991 و تم تنفيذ الحكم سنة 1994 .
يقول عم حسن الذي نفذ حكم الإعدام في حق السفاح في لقاء صحفي مع مجلة ليدرز أنه تم إعدام السفاح على الساعة الثالثة و الربع صباحا , و في العادة لا تدوم عملية الإعدام أكثر من 4 أو 5 دقائق حتى تفارق الروح الجسد , لكن موت الناصر الدامرجي استغرق 13 دقيقة بعدد ضحاياه كأن الله أراد تعذيبه في كل دقيقة .

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

أتيلا الهوني .. أشد جبابرة التاريخ هولا

شخص جلب معه الرعب والموت للملايين ..
كان القرن الخامس الميلادي أسوء حقبة مرت على سكان أوروبا في تلك الأزمنة حيث خرج عليهم شخص جلب معه الرعب والموت للملايين .. إنه أتيلا الهوني .. ورجاله البرابرة الذين عذبوا وأغتصبوا النساء وقتلوا كل من وقف في وجوههم حتى أنه تروي أحدى ألأساطير أنهم غمسوا أقواسهم في عصير ألأجنة المغلي وشربوا دماء النساء وكأنهم منحدرين من أرواح قذرة . ولم تعرف قسوة أتيلا حدودا ، فقد قتل شقيقه وذبح الصحراويين ، ونشر مقاتلوه الرعب والموت في أنحاء الإمبراطورية الرومانية وسحقوا المدن الكبيرة وأبادوا سكانها عن بكرة أبيهم سعيا وراء الذهب وثروات الشعوب حتى أيقن المتدينون في روما أن الله قد أرسل هذا الرجل من الجحيم لمعاقبة الخاطئين على وجه الأرض .. فبات أتيلا يعرف بلقب " عقاب الله " .

نبذة عن الهون

امبراطورية الهون وحملاتها العسكرية
الهون هم أجداد الأتراك ، كانوا قد نفذوا إلى شرق أوروبا قادمين من منغوليا في اسيا الوسطي عبر البراري والسهوب الآسيوية وظهروا على حدود أوروبا الشرقية ، وتحرك هذا الشعب الآسيوي الشديد الضراوة وهزموا عشائر القوط الغربيين " قبائل جرمانية "  وقاموا باجلائهم عن تلك المنطقة من البحر الاسود وأستقر بهم المطاف في عام 370م بمنطقة عرفت فيما بعد باسم " المجر " ، أصبحوا قوة لا يستهان بها ، وكونوا إمبراطورية الهون وكان ملكها يدعي العم رو .
ولد أتيلا عام 406 م وكان متوقع له أن يفعل الكثير لانه سليل العائلة الملكية ، وقد مارس أتيلا  الإرهاب والعنف منذ نعومة أظافره لأن هناك تقليد يروى عن أطفال الهون أنه عندما يولدون تجرح وجناتهم كي يتعلموا ألآلم من الصغر بصبر وجلد ، ومثل ذكور الهون فقد تعلم أتيلا ركوب الخيل قبل السير على قدميه لآن الهون كانوا يولدون فوق سروج الخيل ويأكلون فوقها ويتحادثون ويعقدون المفاوضات وهم على سروج الخيل ، حتى راح البعض يبالغ في الوصف حيث قال : أن أنزلت واحدا منهم عن ظهر الخيل فلن يتمكن من السير على الأرض .
ولما بلغ أتيلا من العمر 28 عام توفي العم رو أمبراطور الهون وأستلم أبناء أخيه بلاديا وأتيلا الحكم ، وأراد أتيلا أن يستولي على السلطة لوحده لكنه لم يستطيع لان أخيه بلاديا كان يتمتع بدعم قوي وشعبية عارمة بين قبائل الهون لذلك كان على أتيلا الانتظار إلى حين .
عمل اتيلا على ترتيب جيوشه
عمل أتيلا على ترتيب جحافل الهون وظل لعدة أشهر  في أخضاع الشعوب البربرية في شمال وشرق البلاد وضمها إلى قواته حتى صنع جيشا عظيما هائلا تخشاه آسيا كلها ، ولم تكن هناك قوة في العالم تستطيع الوقوف في وجه أتيلا ، فيما كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية " البيزنطية " تعتبر محمية لإمبراطورية الهون وكانت تدفع إلى العم رو 700 رطل من الذهب سنويا لقاء حمايتها من غزوات الشعوب البربرية ، ولكن عندما سمع الإمبراطور البيزنطي ثيودؤسيوس الثاني بوفاة السلطان رو أعلن إلغاء الاتفاقية ورفض دفع أي مبالغ إلى الهون ، مما دفع أتيلا واخيه بلاديا بتجهيز قواتهم والعزم على غزو الإمبراطورية الرومانية الشرقية ، وقادا جيشا هائلا عبروا به نحو تراقيا " الجزء الغربي من تركيا " .
لقد كانت صورة البرابرة لا سيما القبائل أشباه الرحل منهم بشعة للغاية ، كما كانوا خطيرين من الناحية العسكرية ، لقد عرف الهون بهجماتهم الخاطفة المميتة وكان بأستطاعتهم تغطية مساحة كبيرة من الأرض في ثواني معدودة ، كما كانوا يظهرون على أعتاب بيوت الناس بشكل مفاجئ ، كان باستطاعتهم أطلاق السهام من فوق ظهور الخيل وقتل رجل على مسافة 150 متر .
لقد كان أتيلا على علم أن الإمبراطورية الرومانية الشرقية قد أرسلت جيشا إلى صقلية لاسترداد شمال أفريقيا من مجموعة متمردين تسمي " الوندال " ، وأستغل الأخوين الوضع فأطلقوا هجوما ثقيل على نهر الدانوب عام 441 م وهاجموا بلدة كونستانتا " داخل رومانيا " ، وكان ذالك اليوم مرادهم لأنه يوم السوق في البلدة وأسروا وسحقوا سكانها وذبحوهم جميعا في الطرقات وجعلوا الجثث تملأ الشوارع ، وأهلكا مدينة بلغراد بأكملها ولم يستطع أحد أن يوقف هجوم الهون مما جعل أمبراطور الشرق يسرع لترتيب هدنة سلام أخرى ورفع الجزية حتى يتوقف غضب أتيلا ويعم السلام مع برابرة الهون ..
وتمت الاتفاقية .. وعاد أتيلا إلى ما بعد نهر الدانوب محملا بكميات كبيرة من الذهب والمسروقات ، وعندما عادت القوات الرومانية من صقلية تقول المصادر أنها لم تستطع المشي في الطرقات لكثرة الجثث التي ذبحها أتيلا ، لم تكن للحياة أي قيمة عند أتيلا ولم يكن لدي الهون أي اعتبار للبشر الآخرين ، كانوا يكبدون الآخرين أفدح الخسائر من دون رحمة ، وتلك كانت أبشع مواصفاتهم ، وعلى الرغم من انتصارات أتيلا في الخارج فقد بدا صبره ينفذ على أخيه بلاديا لأنه كان ذكي ومحبوب من القبائل يرتدي ثوب التواضع ويستمع للشكاوي ويعفو عند المقدرة بالرغم من أعماله العنيفة ، إلا أن أتيلا كان يريد الحكم لوحده فوصلت الأمور بينهما للصراع على البقاء ، فقام أتيلا بذبح أخيه بلاديا وهو نائم ، وبذالك يكون اتيلا هو الحاكم المستبد الوحيد لقبائل الهون .
قرر الانتقام من الامبراطورية الرومانية ..
بعد أن شاع خبر وفاة بلاديا قام بعض الهون بألآنشقاق من صفوف الجيش والتجئوا إلى الإمبراطورية الرومانية في الشرق فقبلت لجوئهم  على أراضيها . غضب أتيلا عندما علم بذالك الأمر وقام بإرسال مبعوثين إلى الرومان يطلب تسليم الهون الفارين ولكن الإمبراطور رفض الطلب . ، كان أتيلا مدركا لقوة الرومان العسكرية جيدا لذالك عمل مرة أخري على ترتيب جحافل الهون وتوحيد القبائل تحت لوائه لزجها في القتال وأمضى أيام يقوي تحالفه مع القبائل البربرية وبدأ يبحث في إخضاعهم بما فيهم من روحانيه مع أنهم كانوا بلا دين ، لكن أتيلا نشأ وترعرع في وسط خرافات وما يعتقدوه الهون بأن لهم مهمة في الحياة وهي إبادة الآخرين ، وقد وكلتهم بهذه المهمة آلهتهم ، وجاءت اللحظة الحاسمة التي أضفت على أتيلا صوره عجائبيه ، كان ذلك عندما أحضروا له سيفا صدئا فقال أتيلا كما أوردت المصادر التاريخية أن هذا السيف الصدء أشارة من السماء أن يكون قدري فاتح عظيم لممالك الأمم .. وصف أتيلا السيف بأنه سيف " مارس " اله الحرب عند الرومان ، وأنه سيكفل له النصر ، وبذالك يكون أتيلا قد وحد قبائل البرابرة وأيدته آلهة الحرب ، أي أنه قد حان أوان مهاجمة تلك القوة العظمى وعند هذه المرحلة كانت تحت تصرف الملك أتيلا نحو 500 الف مقاتل فشرع في شن هجمات على عمق الإمبراطورية الرومانية عام 443 م ، كان رجاله البرابرة يطلقون السهام والرماح من فوق ظهور الخيل بمهارة وكان كل رجل في جيشه يملك من الشجاعة لزعزعة دولة بأكملها ، وقاد أتيلا قواته في حملة عنيفة وشرسة وأخذ في تدمير كل المدن وسحق كل القوات الرومانية على نهر الدانوب وتوغل بقواته إلى عمق الإمبراطورية نحو مدينتي  نيس .. سيرديسا. وهي مدن بلغارية تعد مستوطنات رومانية ، فدمر كلاهما وضرب رجاله كل دور العبادة وسلبوها ودنسوا الآضرحة وذبحوا المدنيين ... ولقد أستمتع أتيلا بهذه المناظر المرعبة وهجم على أرض البلقان - شبه جزيرة البلقان وتضم إلىونان و بلغاريا و رومانيا و تركيا - وقام بتدمير جميع مدنها ثم قاد جيشه وأتجه نحو اليونان فأجهز عليها وذبح جميع سكانها وفتح ما يزيد على مائة مدينة ، وكان هناك الكثير من القتلى .
عاث البرابرة الهون فسادا اينما حلوا ورحلوا ..
إلا أن هدفه لم يكن الاستيلاء على الأراضي ، بل نهب ثروات الأمم وقتل سكانها ، إذ لم يكن الهون من معمري الحضارات بل من مخربيها . وأثناء تلك الحملة كان قد ضرب زلزال مدينة القسطنطنية " أسطنبول " وهدم أسوارها مما جعلها فرصة جيدة لجيش أتيلا بأخذ المدينة وأجبر ذالك الزلزال الإمبراطورية الرومانية الشرقية أن تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على المدينة بعيدا عن الهون وتمت التضحية بكثير من المدن والجنود لأنقاذ القسطنطنية التي كانت مركز للأمبراطورية الرومانية في الشرق  .  لكن أتيلا حاصر المدينة ولم يهاجمها وأكتفي بالمدن التي نهبها ومزقها وذبح سكانها . ومرة أخرى أضطر الإمبراطور ثيودؤسيوس الثاني إلى عقد معاهدة سلام جديدة مع أتيلا مع رفع الضريبة إلى 2100 رطل ذهب سنويا . كان ذلك المبلغ مذهلا في ذالك الوقت ولكنه في نظر الرومان أرخص من القتال ضد أتيلا . و وافق أتيلا على المعاهدة لكنه طلب من الرومان إعادة الهون الفارين داخل القسطنطنية وتسليمهم إليه ، وكان الفارين من الهون هم أبناء سلالة ملوك الهون القدامى الذين قتلهم العم رو وكانوا تابعين لأخيه بلاديا ، فقام الرومان بتسليمهم إلى أتيلا الذي قام بوضعهم على الخازوق من دون رحمة ثم سحب جيوشه من الأراضي الرومانية .
لما علم انها خدعته ذبح واكل اطفالها ..
وعندما عاد إلى بيته كان لأتيلا عدة زوجات وكانت الغيرة تشتعل بينهم ، وعندما غضبت إحدى زوجاته وتدعى " فوترون " أستطاعت خداعه بادعائها أنها رأت إحدى زوجاته تمارس العلاقة مع عبد من عبيده فقام أتيلا بقتلهم سويا  ، ولما علم فيما بعد أن " فوترون " خدعته قام بذبح وأكل طفليها ، وبهذه الفعلة الشنيعة زادت سوء سمعة أتيلا التي انتشرت بين الناس حتى وصلت إلى الرومان المتدينون ، ولذالك لقبوه بشتى الألقاب المرعبة مثل " يوم الحساب .. سوط الله .. عقاب السماء " .. والمفارقة هي أن أتيلا استفاد من سمعته في اتجاهين ، فهي تؤثر في معنويات الرومان وتمثل درعا واقيا لقبائل الهون ، ومن ناحية أخرى تضمن بقاء أعراق الهون المتعددة تحت حكمه .
وفي عام 450 م تلقي أتيلا هدية غير عادية من مصدر غير متوقع ، لقد أرسلت الأميرة أناريا شقيقة فالنتين إمبراطور روما الغربية خطاب إلى أتيلا مرفق معه خاتمها الشخصي تناشد فيه أتيلا أن ينقذها من زواج قد فرض عليها من رجل لم يعجبها . والحقيقة هو أن الأميرة كانت قد ضبطت في علاقة فاضحة مع مستشارها ، وكانت هذه الفضيحة صاعقة لشقيقها الإمبراطور الذي أنزعج كثيرا وعرض عليها أن تتزوج سياسيا مغمورا لإنهاء الفضيحة ، لكن الأميرة رفضت الحل وطلبت من أتيلا أن يقبل بها زوجة كي تتحالف معه من أجل تحسين موقفها داخل الإمبراطورية ، وهذا ما دفع أتيلا أن يحول أنظاره نحو أمبراطورية الغرب التي كانت أضعف من الشرق وكانت في حالة أضطراب كبير . وأرسل أتيلا الرد إلى الأميرة بأنه موافق أن يتزوج من سليلة الأباطرة وطالب أتيلا بالمهر حسب عادة الرومان وهو أن يأخذ نصف أراضي الإمبراطورية الرومانية الغربية ولكن الإمبراطور فالنتين الثالث رفض الأمر حتى أنه رفض زواج شقيقته من أتيلا ، وأتيلا بدوره هدد بركل الإمبراطور من قصره الخاص .
على أرض فرنسا ذاق اتيلا طعم الهزيمة اول مرة ..
وفي عام 451 م حرر أتيلا بربرية جيوشه من عقالها بأتجاه غرب أوروبا للمطالبه بما كان يعده حقا له ، وانطلقت جحافل البرابرة متجهة نحو إمبراطورية الرومان الغربية ، وكان لأتيلا رغبة وهو في الطريق بأن يغزو ويهلك مملكة القوط الغربيين - القوط هم قبائل جرمانية قامت بغزو جزء من فرنسا واستقرت فيها - وعبروا البرابرة منطقة كولونيا " غرب ألمانيا " واجتاحوا مدن ألمانيا ودمروها ، وهناك واجه أتيلا امراة متنسكة تدعي أورسولا . ، سلب جمال أورسولا أتيلا وطلب منها الزواج لكن طلبه قوبل بالرفض فقام بذبحها مع أحدي عشر الفا من المتنسكات داخل دور العبادة ، وقام بنهب كل شيء ، وهاجم مدينة مينز الالمانية ونهبها وقتل جميع سكانها ولم يترك فيها قائم الا وأسقطه وعبرت جحافل الهون إلى بلاد الغال " فرنسا" في حملة سيئة السمعة من الدمار والذبح وأهلك العديد من المدن في طريقه ، لكن حدث في ذلك الوقت أن أستطاع قائد الجيش الروماني الغربي بأن يقنع القوط الغربيين بالتحالف معهم ضد أتيلا لأن القوط كانوا يكرهون أتيلا جدا وتم الاتحاد معا وعبروا إلى سهول كاتولونيا أملا في أيقاف سيل الهون الجارف نحو فرنسا ، وعلى مشارف مدينة أوراليون في وسط فرنسا وصل أتيلا بجحافل الهون حيث واجه أكبر جيش رومانيا في الغرب ، وأشتبك الجيشان في معركة شرسة تعد من أعظم معارك التاريخ القديم رعبا وتسمي معركة شالون ويقال أن في ذالك اليوم كانت باريس التي تبعد عن أرض المعركة 130 كيلومتر تصلي صلوات كثيرة إلى الله حتى لا تسقط المدينة في يد ذلك المفترس ، وقاتل جيش الرومان جحافل البرابرة بصمود وثبات نادرين حتى أنهم لم يستطيعوا أن يروا بعضهم البعض لأنهم واصلوا المعركة حتى الظلام وفي النهاية حسمت المعركة لصالح التحالف القوطي الروماني وكانت هذه تعد أول هزيمة أجبرت أتيلا على تقهقر قواته إلى الخلف للعق جراحهم ، كانت خسارة الهون فادحة حيث سالت أنهار من الدم وكان على الناجين من المعركة أن يشربوا ماء ممزوج بالدم .
اراد ان يحرق نفسه من شدة غضبه بسبب الهزيمة ..
ولو أستطاعت جحافل الهون سحق جيش الرومان آنذاك لسقطت أوروبا كاملة تحت حكم البرابرة ولكانت سحنة الأوروبيين الآن تحمل ملامح أسيوية ، ورسمت معركة شالون أول ملامح لصورة أندحار جيوش أتيلا عن أوروبا وذكرت بعض المصادر أن أتيلا غضب من الهزيمة وصرخ صرخة أظهر فيها قوته المرعبة وعدم خوفه من الموت وأمر بوضع كومة من سروج الخيل بعد أنتهاء القتال ثم قام بأنشاء محرقة كبيرة كي يحرق نفسه فوقها ولكن بعض مستشاريه أشاروا عليه بألا يفعل ذالك لأن الأمور لم تصل إلى هذا الحد من السوء .
في النهاية أنسحب أتيلا ليلا من فرنسا نحو المانيا وقام بتنظيم صفوف جيشه وفي ربيع 452 م في العام التالي من الهزيمة قاد أتيلا فرسانه البرابرة وعبروا جبال الألب متجها إلى وسط أوروبا نحو إيطاليا " عقر دار الرومان " وأجتاح الهون كافة المدن الإيطالية ودمر عدد كبير من المدن مثل اكويليا . بادوفا . فيرونا . بريشيا . بيرغامو . ميلانو . لومبارد .. وبذالك يكون قد مزق قلب الإمبراطورية الرومانية ، وسقطت المدن الأخرى بالتتالي أمام جيوشه الباسلة ، وكانت سمعة أتيلا ووحشيته قد سبقته ، فلم تقاومه معظم المدن وطلب سكانها الرحمة ، لكن أتيلا لم يرحمهم وقام بذبحهم جميعا ، وأغلب الظن أن ما قام به من سلسلة أسقاط المدن الرومانية كان ثأرا لما جرى في بلاد الغال " فرنسا " ، إضافة إلى أنه أراد رد اعتباره امام قبائل الهون ، لكي يكون هذا برهان على أنه مازال قادر على الاستمرار في إحراز الانتصارات ، وبذالك يكون دمر كل شمال إيطاليا وفتح قلب الإمبراطورية الرومانية العتيدة المترامية الأطراف التي كانت مرتاعا للكنوز والأشياء الثمينة فتمت سرقتها على أيدي جنوده ولم يبقوا منها شيئا .
وصلت جحافل الهون الى مشارف روما ..
ووصلت جحافل الهون على مشارف روما ، ولم يكن أمام الإمبراطور فالنتين الثالث غير أن يرسل وفدا بقيادة بابا روما  ليو الأول  ليفاوض على السلام مقدما إلى أتيلا الهدايا الثمينة والذهب والاموال مقابل سحب قواته وعدم أجتياح روما  ، فكان هذا من حظ أتيلا الذي أنهكت الأمراض جيشه وأصبح في موقف ضعيف بعد أن دبت ألأمراض الوبائية والطاعون في جنوده وعدم وجود مؤن كافية وإمدادات غذائية لأن ايطاليا كانت تعاني من مجاعة كبيرة في ذالك الوقت ، والجيش الروماني أيضا كان يسرع الخطي قادما من فرنسا لانقاذ روما من يد الهون ، لأن روما كانت عاصمة العالم المسيحي في ذلك الحين ، فرأى أتيلا أن معاهدة السلام ستكون أكثر ربحية من مهاجمة المدينة ، فتمت الموافقة على ألالتماس المقدم من البابا ليو الاول وعاد أتيلا محملا بالذهب إلى جبال الألب ، إلى عاصمته التي تعرف حاليا باسم " بودابست " .
مات في ليلة عرسه ..
وبعد عدة شهور على عودته من ايطاليا ، تحديدا في 453 م ، تزوج من فتاة جرمانية بارعة الجمال تدعي أيلديكو كانت إحدى سباياه وأقيمت مراسم الزواج على طريقة قبائل الهون حيث يكثر فيها شرب الكحول إلى حد مبالغ فيه ، ودخل الزوجان غرفتهم الجديدة ، وفي صباح اليوم التالي لم يخرج أتيلا ، لذلك قام حراسه بفتح باب الغرفة ليجدوا أتيلا ميتا على الأرض !! .. وفي بعض الروايات تقول أنه كان مغطي بالدماء وكانت تقبع عروسته في أحدي زوايا الغرفة تنتحب بحزن وخوف شديد وهي في حالة من الصدمة !! ..
لم يكن أحد يتوقع موت أتيلا بشكل مفاجئ لأن مثل هذا المحارب البربري الشرس كان متوقعا منه أن يموت في أرض المعركة ، لكنه مات في ليلة زفافه ، وكما أن هناك الكثير من أسرار التاريخ القديم كذلك سبب وفاة أتيلا هو مجرد واحد منها وليس هناك أي أدلة عن سبب الوفاة ، ولذلك أقصر الطرق للإجابة على هذا السؤال كيف مات أتيلا ؟  هو نحن لا نعرف !!... لكن الإجابة التقليدية تقول : أنه مات من الرعاف حيث أفرط أتيلا في شرب الكحول وأصيب بنوبة ثمالة وأنقلب على ظهره وحدث له نزيف من ألأنف فدخل الدم إلى رئتيه مسببا له الاختناق ومات على الفور .. وبعض الروايات ذهبت إلى أن عروسه أيلديكو كانت محور شك في أنها هي من وضعت سم في الكأس وقتلته لاسيما إنها كانت سبيه من إحدى حملاته القاسية على بلاد الجرمان .
في هنغاريا يعتبر اتيلا بطلا قوميا ..
دفن أتيلا  سرا على ضفاف النهر داخل ثلاث توابيت صنعت خصيصا من الذهب والفضة والحديد ومعه بعض من الغنائم ، وبعد أتمام مراسم الدفن تم ذبح جميع الذين شاركوا بدفنه كي لا يعلم أحد بمكان الضريح ويبقى الشعور بأن أتيلا لم يمت ، ومازال قبر أتيلا الهوني مفقودا حتى يومنا هذا . وبعد وفاته سقطت وتقطعت إمبراطوريته أربا ، حيث قاتل أبنائه بعضهم البعض على الحكم وضعفت الإمبراطورية ، وبعد عدة سنوات  أنهارت  مملكة الهون ، وما أن أقبل عام 470 م حتى أصبحت إمبراطورية الهون جزء مطويا من صفحات التاريخ ، لكن يظل اسم أتيلا وحياته وموته ومراسم دفنه جزء من الأسطورة التي حيكت حول الملك الأسطوري .. سيد الحرب الذي نشر الرعب والموت في كل مكان .. واسما يظل عالقا في ذاكرة المؤرخين حتى الآن .

السبت، 16 أغسطس 2014

الشبيه .. هل هناك نسخة أخرى منك في هذا الكون ؟


ماذا لو كانت الحياة مجرد تمثيلية ؟! ..
منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا مهتم بتجارب قراء الموقع فيما يتعلق بالغرائب والخوارق ، سواء ما عايشوه بأنفسهم أو ما سمعوه ونقلوه على لسان أقاربهم وأصدقاءهم . اهتمامي بهذه التجارب آت بالدرجة الأساس من كونها نابعة عن بيئتنا وثقافتنا العربية مما يعطيها نكهة مميزة وطابع خاص يختلف في أنماطه وأطواره عن ذاك السائد في الأدب والفلكلور الغربي . لكن ينبغي أن أذكر هنا بأن ما يصلنا من تجارب وقصص لا تستوي جميعها من ناحية المحتوى والمصداقية ، إذ فيها الغث والسمين ، ولا يعدو بعضها برأيي عن كونه شطحة من شطحات الخيال أو شكل من أشكال الهلوسة البصرية والسمعية الناتجة عن الخوف والتفكير الزائد في أمور العالم الآخر . القليل فقط مما يصلنا – بصراحة - يستحق التوقف عنده مليا من أجل البحث والتحقيق في الظواهر التي يتناولها ، وأنا اليوم سأتوقف عند ظاهرة قرأت عنها في تجاربكم فأثارت فضولي واشتياقي للبحث والكتابة ، خصوصا عندما لمست فيها سمات مشتركة مع قصص وتجارب لأناس من مختلف أرجاء العالم ، إنها ظاهرة عالمية يطلق عليها البعض تسمية أشباح الأحياء ، وتعرف على نحو أوسع بظاهرة الشبيه .

قصص من واقع الحياة

ظاهرة الشبيه معروفة منذ القدم ولها أصداء في فلكلور أغلب الشعوب . يطلق عليها بالانجليزية أسم (doppelganger ) وهي كلمة مأخوذة عن الألمانية وتعني المزدوج ، تعني عمليا وجود شبيه أو نسخة ثانية لإنسان مازال على قيد الحياة ، هذا الشبيه يكون ذو طبيعة أثيرية ويتجلى للآخرين بشكل منفصل تماما عن صاحبه فيثير الدهشة والرعب في النفوس .
لتوضيح الأمر أكثر دعونا نأخذ بعض الأمثلة الواقعية التي استقيناها من تجاربكم المنشورة على الموقع ، إضافة إلى تجارب أخرى جمعناها من مواقع ومنتديات أجنبية .
فائزة الحبيب كتبت في تجربة أرسلتها إلى الموقع :
" في حوالي الثالثة صباحا فوجئت بابنة أختي الصغرى توقظني من نومي لأذهب معها إلى الحمام لأنها تخاف الذهاب لوحدها ولا أحد من أخواتها يريد الاستيقاظ للذهاب معها . فوافقت على الفور لأني لم أردها أن تتبول في فراشها , وكان الطقس باردا , وفيما نحن نذهب للحمام انتبهت إلى أنها حافية القدمين , فأصررت أن تذهب لغرفتها وتلبس حذاءها , لكنها بقيت في مكانها من دون حراك . فذهبت أنا لجلب حذاءها من حجرتها , وعندما فتحت النور وجدتها نائمة على سريرها , وفي الردهة تقف النسخة الأخرى وأنا أنظر إليها مصدومة ومذعورة لا أعرف ماذا أفعل سوى الصراخ , عندها شاهدت الفتاة الأخرى تدخل في الحائط وتختفي ! " . 
أما هنري فقد سرد تفاصيل تجربته المخيفة على منتدى أجنبي كالآتي :
النسخة الأخرى تقف أسفل السلم ..
" عدت إلى المنزل عصر أحد الأيام ، أدخلت السيارة للمرآب ثم دخلت إلى المنزل وصعدت السلم متوجها إلى حجرتي لأبدل ملابسي . حين وصلت إلى أعلى السلم نظرت إلى الأسفل فرأيت زوجي تقف هناك وهي تنظر إلي بغرابة ، ظننت بأنها تريد شيئا مني ، لكنها لم تكلمني واكتفت بالوقوف هناك تحدق بي بلا حراك ، فالتفتت ورائي ظنا مني بأنها تنظر لشيء ما خلفي ، وكانت هناك نافذة مفتوحة ورائي مباشرة ، فنظرت عبرها وصعقت عندما شاهدت زوجتي وهي تشذب الأشجار في الحديقة الخلفية للمنزل .. من تكون إذن هذه التي تقف أسفل السلم ؟! .. استدرت مرة أخرى وكانت النسخة الثانية من زوجتي لا تزال واقفة بالأسفل تنظر إلي ، ثم رأيتها تمشي مبتعدة فنزلت السلم مسرعا محاولا اللحاق بها ، لكنها اختفت .. تبخرت .. كان هذا أغرب موقف مررت به في حياتي ولم أخبر زوجتي عنه حتى لا تصاب بالهلع " .
شجون هي الأخرى مرت بتجربة غريبة مع الشبيه ، وقد نشرنا قصتها في الموقع ، تقول :
" بعد أن غادر زوجي ذهبت للنوم , كنت مستلقية على سريري لا اعلم كم المدة , وفجأة رأيت زوجي بوضوح وهو يمر من أمام الغرفة ويدخل دورة المياه , أغلق الباب لثواني قبل أن يفتح الباب مرة أخرى ويخرج , وفي هذه الفترة كنت أراه وأناديه بأسمه لكنه لم يلتفت لي وذهب . وعند ذهابه استيقظت كليا وأمسكت الجوال وكلمته ... سألته عن مكانه , فاخبرني انه في مكان عمله , فعرفت بعدها أن الزائر الذي رأيته قبل قليل لم يكن زوجي " .
وعلى صفحات أحد المنتديات الأجنبية كتب دريمر تفاصيل تجربته كالآتي :
" استيقظت صباحا وبقيت في فراشي لبعض الوقت أشاهد نشرة الأخبار ، وفيما أنا مشغول بذلك ، دخلت أمي فجأة إلى الحجرة ، لم تنظر إلي بل سارت بخط مستقيم حتى وصلت إلى النافذة فمرت عبرها واختفت !! .. شعرت برعب شديد .. فأمي عجوز جاوزت الثمانين من عمرها ، وهي مريضة لا تستطيع المشي وتعاني مشاكل في الذاكرة ، وتعيش في دار لرعاية المسنين يبعد أميالا عن منزلي .. كيف ظهرت في حجرتي إذن ؟ .. لقد توقعت الأسوأ ، ظننت بأنها ماتت ، فاتصلت بدار الرعاية لكنهم أخبروني بأنها لا تعاني من أي خطب . وفي المساء ذهبت لزيارتها ، كانت نائمة ، والمفاجأة الكبرى هي أنها كانت ترتدي نفس الثوب الذي رأيتها تلبسه عندما ظهرت في حجرتي صباح ذلك اليوم ! " .
أحيانا الشبيه قد يتجلى بالصوت فقط ، حدث مثل هذا لبشورة مروان التي نشرت تجربتها في الموقع قائلة :
" بعد أن أصبحت بالسرير بقليل ولم أكن نائمة بعد ، سمعت أبي يناديني ويدخل غرفتي يسألني إن كنت بحاجة إلى مال ، فأجبته بالنفي دون أن أنظر إليه فقد كان وجهي للناحية الأخرى ، وفي نفس اللحظة التي كان أبي يكلمني فيها رن هاتفي ، فرأيت اسم المتصل وصعقت ، لقد كان الاتصال من أبي يخبرني انه نسي محفظته الشخصية عندما خرج من المنزل ويطلب مني إحضارها له ! " .
ستيفاني لها شبيه أيضا ، لكنه لا يكشف عن وجهه أبدا ! .. هو يشبهها بالملابس والهيئة العامة وبلون شعرها الأحمر المميز ، أما الوجه فالله وحده يعلم كيف يكون . شقيقة ستيفاني وأمها كان لهن تجارب مخيفة مع هذا الشبيه الغامض ، وقد سردن جانبا من تلك التجارب على أحد المواقع الأجنبية ، ننقل منها الآتي :
كان شعرها منسدلا على وجهها ..
" تقول والدة ستيفاني : في صباح أحد الأيام استيقظت من النوم قرابة الساعة العاشرة وفوجئت بوجود أبنتي ستيفاني في المنزل ، شعرت بالغضب لأني اعتقدت بأنها فوتت حافلة المدرسة وبأني يجب أن أقلها بنفسي الآن إلى المدرسة وأعتذر عن تأخرها . ومما زاد في غضبي هو أنها كانت تتحرك من دون توقف كالمكوك متنقلة من حجرة إلى أخرى ، كانت ترتدي زيها المدرسي لكني لم أر وجهها بوضوح لأن شعرها كان منسدلا عليه وكانت تضع منشفة حول رأسها كأنها خرجت للتو من الحمام . كانت تمشي بسرعة عجيبة كأنها شخصية من شخصيات الأفلام الصامتة القديمة . أخذت امشي خلفها وأصرخ بها لتأخرها عن المدرسة ، ثم رأيتها تدخل حجرتها فدخلت ورائها .. لكن عندما دخلت فوجئت بكون الحجرة فارغة تماما ولا أثر لابنتي فيها ! . حين عادت ستيفاني من المدرسة ظهيرة ذلك اليوم سألتها عن سبب تأخرها صباحا فتعجبت من كلامي وقالت بأنها غادرت المنزل مبكرا واستقلت الحافلة كالعادة مع شقيقتها ، وبأنها كانت جالسة داخل فصلها في الوقت الذي شاهدتها أنا في المنزل ، وقد أكدت شقيقتها كلامها .
أخت ستيفاني الصغرى ، صوفي ، كان لها هي أيضا تجربة مزعجة مع شبيه شقيقتها تقول عنها : ذات مساء كنت متمددة على سريري وأنا شبه النائمة عندما دخلت ستيفاني إلى حجرتي وأخذت تعبث بأغراضي ، فغضبت بشدة ورحت أصرخ بها لكي تخرج لأني أريد أن أنام . لم أرى ملامحها جيدا لأن شعرها كان منسدلا على وجهها ، لكنها كانت ترتدي نفس ملابس ستيفاني ، وحين صرخت بها قامت وسارت إلى خارج الحجرة فلاحظت فورا بأنها مشيتها غريبة ، كانت تمشي بسرعة فائقة ! . وعندما غادرت أخيرا تملكني غضب عارم لأنها طيرت النوم من عيني فذهبت إلى حجرتها لألومها ، لكن حين فتحت باب الحجرة فوجئت بأنها نائمة في فراشها ، وحين أخبرتها عما حدث صباح اليوم التالي أقسمت بأنها لم تأتي إلى حجرتي أبدا مساء البارحة " .
لعل أغرب حوادث الشبيه هي تلك التي يرى الإنسان فيها شبيهه بنفسه ، ولنأخذ قصة جاك التي كتبها على أحد المواقع الأجنبية كمثال ، يقول :
كان علي أن أسير لميلين حتى البوابة ..
" في بداية حياتي كانت ظروفي صعبة ، كنت يتيما ووحيدا ومفلسا أعيش وأعمل في مزرعة كبيرة في الريف لدى أناس أجلاف قساة ، كان عملي شاقا ، وكانت من واجباتي أن أذهب كل مساء قرابة الساعة العاشرة لكي أغلق وأقفل البوابة الرئيسية للمزرعة المحاذية للطريق العام ، كان علي أن أسير قرابة ميلين . وفي ذات مساء خرجت كالعادة لأقفل البوابة ، كان الجو شديد البرودة ، كنت امشي ببطء مستغرقا في مشاكلي وهمومي ، فجأة راودني أحساس بوجود شخص ما يمشي قربي ، فرحت أتلفت حولي ، كان القمر بدرا والرؤية واضحة ، لكني لم أر أحد ، فاستأنفت المشي ، وبعد برهة راودني نفس الإحساس ، فنظرت خلفي ولم أجد أحدا ، لكن حين استدرت لأكمل طريقي شاهدت رجلا يقف قبالتي .. لا أدري من أين أتى وكيف ظهر هكذا فجأة ، العجيب هو أنه كان نسخة مني في كل شيء ، نفس الوجه والجسم والملابس وحتى تسريحة الشعر ، كأني كنت أنظر لنفسي في المرآة . وقفنا ننظر لبعضنا ، لم نتكلم مطلقا ، لكن فيما أنا أنظر إليه سمعت صوتا يهمس داخل عقلي قائلا : لا تهتم .. جميع المشاكل ستحل قريبا وكل شيء سيكون على ما يرام .. ثم رأيت ملامح شبيهي تبهت حتى تلاشى واختفى تماما ، ولسبب ما أجهله لم أشعر بالخوف أبدا ، بالعكس .. ملئني شعور بالرضا والاطمئنان لم أعرفه سابقا في حياتي ، أكملت طريقي نحو البوابة ، هذه المرة بهمة ونشاط كأن احدهم رفع جميع الهموم والأعباء عن عاتقي مرة واحدة ، ولم يطل الوقت حتى بدأت أموري تتحسن فعلا ، تركت العمل في تلك المزرعة ووجدت وظيفة محترمة ، تزوجت وأنجبت وأسست لحياة أسرية سعيدة ... مرت السنين مسرعة لكني لم أنس أبدا تلك الليلة .. ولا املك أي تفسير لما حدث " .

من واقع التاريخ

ظاهرة الشبيه لا تقتصر على قصص وتجارب القراء المنتشرة هنا وهناك على المواقع والمنتديات ، فكتب التاريخ والأدب لا تخلو بدورها من ذكر لبعض الحوادث والمواقف الغريبة المتعلقة بتلك الظاهرة .
الادميرال جورج تريون
في 22 حزيران / يونيو 1893 كان الأدميرال جورج تريون يقود أسطول البحرية الملكية البريطانية خلال مناورة تدريبية في مياه البحر الأبيض المتوسط . كان الجو صحوا ومضى كل شيء على خير ما يرام طيلة النهار ، لكن في عصر ذلك اليوم أعطى الأدميرال عن طريق الخطأ أمرا لإحدى المدمرات المواكبة لسفينة القيادة بالاستدارة على نحو مغاير للاتجاه الصحيح ، كان أمرا كارثيا أدى لتصادم رهيب بين المدمرة وبين سفينة القيادة التي يستقلها الأدميرال ، والنتيجة كانت غرق سفينة القيادة وموت 357 بحارا على متنها . وقد رفض الأدميرال مغادرة سفينته بينما كانت تغرق وقرر أن يمضي إلى الأعماق بصحبة ضباطه وجنوده ، كانت آخر جملة قالها هي : "إنها غلطتي بالكامل" .
العجيب في القصة هو أنه بينما كان الأدميرال يغوص إلى أعماق البحر قبالة سواحل طرابلس اللبنانية ، كانت زوجته تقيم حفلا باذخا في منزلها بلندن دعت إليه العديد من أصدقائها وأقاربها . خلال هذا الحفل وأمام أنظار الجميع حدث أمر لا يصدق ، فقد ظهر الأدميرال تريون وهو يرتدي بزته الرسمية التي تعلوها الأوسمة والنياشين ، نزل السلم من الطابق الثاني ومضى بصمت ووجوم بين الحضور من دون أن يلتفت لأحد ، سار عبر البهو الكبير وصولا إلى حجرة المعيشة حيث تلاشى واختفى هناك . وقد تسبب ظهوره المفاجئ بصدمة كبيرة للحضور خصوصا بعدما تواترت أخبار موته في اليوم التالي .
قصة الأدميرال تريون ليست فريدة من نوعها ، فهناك حوادث مماثلة مر بها أشخاص ظهر شبيههم قبل موتهم بوقت قصير ، ولهذا السبب ينظر بعض الناس في الغرب إلى ظاهرة الشبيه على أنها نذير شؤم ودلالة على موت وشيك . ومن المشاهير الذين صادف ظهور شبيههم قبيل مفارقتهم الحياة هم الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن وملكة انجلترا إليزابيث الأولى وإمبراطورة روسيا كاترين الثانية والشاعر الانجليزي بيرسي شيلي .
شبيه الآنسة ساجي .. تسبب بقطع رزقها
لكن هناك حوادث أخرى عاش أصحابها مديدا رغم ظهور شبيههم ، ولنأخذ قصة المعلمة الفرنسية ايميلي ساجي كمثال . المعلمة ساجي عاشت في القرن التاسع عشر . كانت معلمة لغة فرنسية ، وكان مشهودا لها بالتميز والكفاءة ، لكن لسبب ما لم تكن الآنسة ساجي تمكث طويلا في المدارس التي تعمل فيها ، فخلال سنوات قليلة تنقلت ما بين تسعة عشر مدرسة حتى انتهى بها المطاف أخيرا إلى مدرسة داخلية للبنات في لاتفيا ، تلك الدولة الصغيرة المطلة على بحر البلطيق .
في البداية كانت إدارة المدرسة راضية كل الرضا عن أداء الآنسة ساجي ، وكذلك الطالبات ، لكن ذلك لم يدم طويلا ، إذ سرعان ما تكشف للجميع السر الذي كان يقض مضجع المعلمة المسكينة ويجبرها على الانتقال من وظيفة إلى أخرى .
- الآنسة ساجي لديها شبيه ! .. همست إحدى الطالبات في أذن زميلتها وهي تومئ إلى الآنسة ساجي أثناء مرورها بالباحة الرئيسية للمدرسة . جميع الطالبات كن يتحدثن عن نفس الموضوع ، لم يكن الأمر مجرد إشاعة ، فالشبيه شوهد من قبل 13 طالبة خلال إحدى حصص الآنسة ساجي ، فبينما كانت تكتب على السبورة ظهر شبيهها إلى جانبها ، كان نسخة مطابقة عنها في كل شيء حتى في الحركات ، باستثناء أنه لم يكن يحمل طبشورا في يده . والغريب أن جميع الطالبات الحاضرات شاهدن الشبيه باستثناء الآنسة ساجي التي لم تفطن لظهوره .
بعد ذلك بأيام ، أثناء تناول العشاء ، ظهر الشبيه مرة أخرى خلف الكرسي الذي كانت تجلس عليه الآنسة ساجي وأخذ يقلد حركاتها في تناول طعامها لكنه لم يكن يحمل ملعقة .
في مناسبة أخرى ظهر الشبيه أمام أنظار أكثر من أربعين طالبة كن مجتمعات في فصل التطريز والخياطة . خلال الدرس كان بإمكان جميع الطالبات رؤية الآنسة ساجي عبر نوافذ الفصل وهي تجمع الزهور في الحديقة . وقد حدث خلال الدرس أن خرجت معلمة التطريز والخياطة من الفصل لبضعة دقائق لمحادثة زميلة لها ، وهنا حصل أمر في غاية الغرابة ، فعلى كرسي المعلمة الفارغ ظهر شبيه الآنسة ساجي ورأته جميع الطالبات بوضوح ، جلس هناك من دون أية حركة بينما كانت الآنسة ساجي مازالت تجمع الزهور في الحديقة المجاورة ، لكن بدا واضحا بأن حركة الآنسة ساجي في الحديقة أعتورها بعض الخمول عند ظهور شبيهها داخل الفصل .
إحدى الطالبات الجريئات قامت من مكانها وحاولت لمس الشبيه ، لكنها أحست بمقاومة خفيفة في الهواء حوله فتراجعت . طالبة أخرى كانت أكثر جرأة قامت من مكانها وقفزت بين الطاولة والكرسي مخترقة بأقدامها جسد الشبيه ، لكن لم يحدث شيء ، أستمر شبيه الآنسة ساجي جالسا من دون حركة لبرهة ثم أخذ يتلاشى بالتدريج حتى اختفى تماما .
حين سألوا الآنسة ساجي عن شبيهها قالت بأنه لاحقها وسبب لها مشاكل مع الآخرين طوال حياتها لكنها لم تره أبدا ، العلامة الوحيدة على ظهوره بالنسبة لها تمثلت بشعور مفاجئ بالتعب والخمول كأنما ظهوره يمتص الطاقة من جسدها . كان الشبيه للأسف هو سبب تنقل الآنسة ساجي المستمر بين المدارس ، فأينما ظهر الشبيه تسبب بالرعب للطالبات مما يضطر إدارة المدرسة لإنهاء خدمات الآنسة ساجي ، وهو ما حدث هذه المرة أيضا ، فبعد قرابة أسبوع على ظهور الشبيه خلال درس التطريز والخياطة استدعت المديرة الآنسة ساجي وأنهت خدماتها .
شبيه الآنسة ساجي كان سببا في قطع رزقها مرارا وتكرارا ، أما شبيه سير فردريك راش عضو البرلمان البريطاني فقد تسبب له بالإزعاج والمزاح السمج فقط .. وإليك القصة عزيزي القارئ :
سير فردريك راش
في عام 1906 أتخذ سير جلبرت باركر مكانه في جلسة مهمة للبرلمان البريطاني ، وخلال الجلسة ألتفت صدفة فشاهد زميله وصديقه سير فرديريك راش يجلس على أحد المقاعد القريبة ، مما أثار تعجبه واستغرابه ، فهو يعلم بأن سير فردريك مصاب بالزكام ويرقد في منزله بحالة صعبة .. فما الذي أتى به إلى البرلمان اليوم ؟ .
سير باركر لم يطل التفكير كثيرا ، حيا زميله وبادره قائلا : " أتمنى أن تكون بحال أفضل اليوم سير فردريك " . لكن لشدة دهشته فأن صديقه تجاهله تماما واكتفى بالجلوس في مكانه واجما تعلو محياه نظرة كئيبة . عاد سير باركر لمتابعة وقائع الجلسة وقد ساءه تجاهل صديقه له ، ولم تمض لحظات حتى نظر مجددا لمكان جلوس سير فردريك ليفاجأ بأنه قد اختفى ومقعده خالي .
بعد انتهاء الجلسة سأل سير باركر زملاءه فيما إذا كانوا قد رأوا سير فردريك ، فأجاب بعضهم بالإيجاب وقالوا بأنه بدا شاردا ولم يتكلم أبدا ، لكن أحدا منهم لم يشاهده وهو يترك مقعده ويغادر مبنى البرلمان .. ببساطة اختفى فجأة كأنه تبخر من مكانه .
في اليوم التالي زار أحد الأصدقاء سير فردريك في منزله وعاتبه على تجاهله لزملائه خلال جلسة البرلمان السابقة ، فكان رد سير فردريك بأنه كان ومازال مريضا راقدا في الفراش لم يغادر منزله ولم يحضر أية جلسة للبرلمان منذ أسبوعين ، لكنه لم يكن مستغربا لرؤيتهم لشبيهه داخل قاعة البرلمان لأنه بزعمه كان يرغب بشدة في حضور تلك الجلسة .
عائلة سير فردريك شعرت بالرعب لاعتقادهم بأن رؤية الشبيه ربما تكون دلالة على موته الوشيك ، خصوصا وهو مريض وحالته وخيمة ، لكن سير فريدرك لم يمت ، تماثل للشفاء وعاد لممارسة مهامه كعضو بالبرلمان . بيد أنه لم ينجو من السخرية والمزاح السمج لما تبقى من حياته ، فزملاءه درجوا على نغزه بأصابعهم من حين لآخر ليتأكدوا من أنه حقا سير فردريك وليس الشبيه .
دي موباسان .. اصيب بالجنون
الكاتب الفرنسي غي دي موباسان (1850 – 1893) له أيضا قصة شهيرة مع شبيهه ذكرها في إحدى كتبه ، يقول : كنت جالسا في مكتبي ذات مساء وأنا أصارع من أجل إيجاد أفكار جديدة من أجل روايتي القادمة . فجأة دخل شخص إلى الحجرة ، الغريب أنه كان نسخة مني في كل شيء ، كان يشبهني تماما ، تقدم مني وجلس على الكرسي قبالتي ثم راح يملي علي ما يجب أن أكتبه ! .
الرواية التي أملاها الشبيه على دي موباسان كان أسمها " The Horla " ، وهي رواية مرعبة تتحدث عن كيان شرير يتلبس بأجساد الناس ويتغذى على عقولهم حتى يقودهم إلى الجنون . المفارقة أن دي موباسان أصيب بالجنون بعد فترة على نشره لهذه الرواية وتم إدخاله إلى المصحة العقلية حيث مات هناك ، مما دفع البعض للاستنتاج بأن الشبيه الذي ظهر لدي موباسان وأملى عليه تفاصيل الرواية هو نفسه الذي كان يعتاش على عقله وقاده إلى الجنون والموت .

هل هناك تفسير لظاهرة الشبيه ؟

التجارب والقصص التي ذكرناها آنفا ما هي إلا عينة بسيطة ، إذ يوجد الكثير من أمثالها منشورا على المواقع والمنتديات ومدفونا في بطون الكتب ، مما يدل على انتشار الظاهرة الواسع . ويقيني بأن أناس كثر مروا بحالات مشابهة من دون أن يتحدثوا عنها ، ذلك أن معظم الناس يؤمنون بأن إبقاء هكذا أمور طي الكتمان قد يمنع حدوثها مجددا ، وقد يمنعهم الرعب من الحديث عنها ، لكن هاجسهم الأكبر يكون معرفة أسبابها وطبيعة الكائنات التي تقف ورائها . وفيما يلي سنقدم بعض الفرضيات التي تحاول أن تفسر هذه الظاهرة .

القرين

لكل انسان قرين .. فكرة ضاربة في القدم
بحسب الموروث الديني فأن لكل إنسان قرين يلازمه طوال حياته ، أي منذ ولادته حتى مماته ، وهذا القرين يكون من الجن ، وظيفته أن يوسوس ويزين الأمور السيئة للإنسان حتى يحرفه عن جادة الصواب ، يمكن أن نشبهه بتلك الفكرة التي تخطر على بالك فجأة من دون سابق إنذار لتحرضك على عمل يخالف إيمانك وتهون عليك أمر ذلك الخلاف .
ولأن الجن أطول أعمارا من البشر فأن القرين يبقى بعد وفاة صاحبه ، وقد يظهر للناس على هيئته في أماكن أعتاد التواجد فيها ، فيظن الرائي بأنه شاهد شبحا ولا يعلم بأنه شاهد قرين الميت . ويقال بأن للقرين القدرة أيضا على ترك جسد صاحبه في حياته ليظهر للناس في هيئته وشكله ، وهذا يعطي تفسيرا محتملا لظاهرة الشبيه ، باعتبار أن ما شاهده الأشخاص الذين مروا بهذه الظاهرة هو قرين الشخص الذي توهموا بأنهم رأوه . لكن هناك علماء دين ينفون إمكانية حدوث ذلك باعتبار أن القرين لا يمكنه ترك جسد صاحبه أبدا في حياته لأنه موكل ومكلف بمرافقته ، فهو أحد الحارسين الموكلين بكل مولود في هذه الدنيا ، أحدهما ملاك طاهر يحرسه ويحضه على فعل الخير ، والآخر شيطان حقود من شياطين الجن يزين له الآثام والسيئات . وكلا الحارسين ملتزم بوظيفته لا يغفل عنها لحظة واحدة مادام الإنسان باق على قيد الحياة .
جدير بالذكر أن الفراعنة هم أول من آمن بفكرة القرين ، فقالوا بأن كل إنسان تخلقه الآلهة تخلق معه كيانا يدعى (كا) يرافقه طوال حياته ولا يفارقه إلا ساعة مماته ، لكنه فراق مؤقت ، فالـ (كا) تبقى مع جثة صاحبها (المومياء) بانتظار أن تتمكن الروح (با) من اجتياز الرحلة الخطيرة إلى محكمة الآلهة لتقف في حضرة ديان الموتى أوزيريس ، وفي حال اجتازت الروح محاكمتها بنجاح فأنها تعود لتتحد بالـ (كا) لتشكلان معا روحا نورانية تدعى (اخ) تصعد إلى السماء لتعيش مع الآلهة .

الجن

الجن .. لهم عالمهم الخاص
مخلوقات أثيرية تعيش في عالم منفصل عن عالمنا ، يقال بأنهم يرونا ولا نراهم ، ولقد تواترت القصص والأخبار عنهم منذ عصر الجاهلية ، وأتى القرآن الكريم على ذكرهم . وبحسب الموروث الديني والشعبي فأن بعضهم مسالم لا يؤذي البشر ، والبعض الآخر شرير يستمتع بالتلاعب بالناس وقد يتلبس أجسادهم ، وهذا النوع الأخير له نظير في الثقافة الغربية يعرف بأسم (Demon ) أي الأرواح الخبيثة الشريرة التي بإمكانها إيذاء البشر والتلبس بأجسادهم .
طبعا عالم الجن يبقي من الغيبيات التي لا يمكن الوقوف على تفاصيلها بدقة ويقين ، لكن الناس يتداولون قصصا كثيرة عن ذلك العالم الخفي المفعم بالأسرار ، بعض تلك القصص تتحدث عن قدرة الجن الخارقة في التشكل على هيئات وصور مختلفة ، غالبا أشكال حيوانية ، كالقطط السوداء ، لكن لديهم القدرة أيضا في التشكل على هيئة البشر ، وقد أورد العرب في أساطيرهم وأشعارهم قصصا مستفيضة عن الجن التي تتغول في هيئة الناس ، أشهرها السعلاة ، تظهر في الأماكن المقفرة والمنقطعة في هيئة امرأة حسناء تنشد المساعدة فتحتال على المسافرين وتغويهم حتى يردفونها خلفهم على الناقة أو الجواد وتنتظر فرصة مناسبة لتغدر بهم فتقتلهم وتأكل أكبادهم .
الجن يتخذ أشكالا إنسانية لغايات شتى ، بعضهم يهوى المرح والتلاعب بالناس . وبعضهم عاشق يظهر في هيئة شاب وسيم أو فتاة حسناء بحثا عن علاقة غرامية مع إنسي أو إنسية . وهناك نوع ثالث ، هو الأخطر ، يظهر في هيئة البشر ليرعب ضحاياه تمهيدا للتلبس بأجسادهم ، إذ يقال بأن الجن يتغذى على الخوف ، كلما زاد خوف الإنسان منه ، كلما سهل التلبس بجسده .
هذه القدرة الخارقة في التغول على هيئة البشر تعطينا تفسيرا معقولا لظاهرة الشبيه ، ربما يكون الشبيه جنيا يريد إرعاب ضحاياه تمهيدا لتلبس أجسدهم ، أو ليحظى بالوصال مع امرأة يعشقها ، أو هي مجرد طريقة للتلاعب بالناس والضحك عليهم .

العوالم المتعددة والعوالم المتوازية وانزلاق الزمن

اكوان كثيرة وليس كون واحد
في فيزياء الكم هناك نظرية تعرف بأسم العوالم المتعددة (Many-worlds interpretation) تقوم على أساس أن الكون ليس واحد كما نتصوره بل يوجد ما لا يحصى عدده من الأكوان ، في كل واحد منها توجد نسخة ثانية عن نفس الشخص لكن بحيثيات مختلفة تتحدد في ضوء خياراته وما يترتب عنها . 
هذه النظرية ليست من وحي الخيال ، بل هي نظرية علمية مدعومة بالمعادلات الرياضية وقد أشبعها علماء الفيزياء دراسة وبحثا ، وزاد الاهتمام بها مؤخرا بعد أن أثبت بعضهم أمكانية تحققها ، وقد تسببت لي بصداع شديد حتى استطعت أن أفهم عن ماذا تتحدث .. هذا إن كنت قد فهمت شيء أصلا ! .. وسأحاول أن أبسطها عن طريق الأمثلة .
تصور بأنك تفكر بالارتباط بحبيبتك ، هذا التفكير يجعلك أمام خيارين ، أما أن تتزوج أو لا تفعل . بحسب نظرية العوالم المتعددة فأن مجرد تفكيرك بهذا الأمر سيجعل الكون ينقسم إلى كونين ، في الكون الأول ستتزوج بحبيبتك فعلا ، أما في الكون الثاني فستظل أعزب ، وستعيش كلتا النسختان ، المتزوج والأعزب ، في كونين منفصلين عن بعضهما من دون أن يعلم أي منهما بوجود الآخر . ولنفترض بأنه بعد فترة على زواجك بحبيبتك نشبت بينكما الخلافات فأخذت تفكر بالطلاق ، هنا أيضا سينقسم الكون إلى كونين ، في أحدهما ستمضي بخيار الطلاق أما في الآخر فستحاول مصالحة زوجتك ، ولنترك نسختك المتصالحة ونمضي خلف نسختك المصرة على الطلاق ، فصباح اليوم الذي كان مقررا عليك أن تذهب إلى المحكمة لإكمال إجراءات الطلاق وقفت أمام خزنة ملابسك وفكرت أيهما ترتدي ، قميصك الأبيض أم الأزرق ، بمجرد تفكيرك في هذا الأمر سيظهر كونان جديدان ، في أحدهما ستمضي بالقميص الأبيض ، وفي الآخر ستذهب بالقميص الأزرق ، ولنترك صاحب القميص الأبيض ونمضي وراء القميص الأزرق ، فبعد أن خرجت من المنزل بدأت تفكر ، هل توقف سيارة أجرة أم تستقل الحافلة ، هنا أيضا سينقسم الكون ، نسخة منك ستذهب بسيارة الأجرة وأخرى ستنطلق بالحافلة ..
نظرية اغرب من الخيال .. العلماء يقولون بأنها حقيقية ! ..
هذه الانقسامات ستستمر طوال حياتك ، كلما كان عليك اتخاذ قرار ستظهر أكوان جديدة على عدد خياراتك ، مما يؤدي بالنهاية إلى ظهور ملايين الأكوان في كل منها تعيش نسخة منك تختلف عن الأخرى بحسب الخيارات التي اتخذتها ، يعني قد تكون عامل نظافة في كون ، وطبيب في كون آخر ، وطيار في كون ثالث ، وسفاح في رابع ، وميت في خامس .. وهلم جرا .
أما أفضل ما في نظرية العوالم المتعددة فهو أنك لن تموت أبدا ، دائما ستبقى هناك نسخة حية منك في كون آخر حتى لو حاولت الانتحار بإطلاق النار على رأسك ، لأنه سيكون هناك دوما خياران ، أما أن يعمل المسدس أو لا يعمل ، أما أن تنجح في إصابة رأسك أو لا تنجح ، أما أن تكون الإصابة قاتلة أو لا تكون الخ .. وطبقا للخيار الثاني فأن محاولتك الانتحار ستستمر إلى ما لا نهاية ! .
هناك نظرية أخرى في فيزياء الكم أسمها نظرية العوالم المتوازية ، هي مشابهة لنظرية العوالم المتعددة ، طبقا لها فأن كل كون هو غشاء يحتوي بداخله على أكوان أخرى ، وقد يكون في كل منها نسخة مختلفة منك ، وهذه النسخ جميعها تعيش في حيز متقارب ومتواز ، يعني ربما أنت ونسختك الثانية تعيشان في نفس الحجرة من دون أن يعلم أحدكما بوجود الآخر لأنكما في عالمين مختلفين .
لحظة رجاء ! .. ما علاقة كل هذه السفسطة الفارغة أعلاه بمقالنا عن الشبيه ؟ ..
سؤال جيد .. والجواب هو أن كل نظرية وكل شيء في هذا الكون يحتمل الخطأ وقد تشوبه بعض الانحرافات ، فالكمال لله وحده ، ولهذا يجد البعض في هذه النظريات تفسيرا محتملا لمسائل غيبية وما ورائية طالما أثارت حيرتنا ومخاوفنا .. كالأشباح والجن والشبيه الخ .. على اعتبار أن حدوث خلل أو انحراف مؤقت في القوانين الفيزيائية التي تحكم هذه العوالم المتعددة هو أمر وارد ويمكن أن يؤدي إلى تداخل مؤقت بينها يترتب عليه حدوث تواصل مباشر قصير المدى بين سكان تلك العوالم . تصور مثلا بأنك تمشي داخل منزلك أثناء حدوث انحراف أو خلل فيزيائي يؤدي إلى تداخل عالمك الحالي مع عالم آخر توجد فيه نسخة أخرى منك تسكن منزلا مشابه لمنزلك تماما ، النسخة الثانية ستراك وأنت تمشي في منزلها ، والذي هو منزلك أيضا ، طبعا لن يدوم ذلك سوى لحظات معدودة لأنك ستختفي حالما ينتهي الخلل .
انت نفسك ربما تكون شبح بالنسبة لسكان عوالم أخرى ! ..
من المؤكد بأن النسخة الأخرى ستشعر برعب شديد من ظهورك واختفائك المفاجئ .. ستظن حتما بأنك كيان غامض قادم من عالم آخر مجهول ، بعبارة أخرى ، بينما أنت مشغول بقراءة قصص الأشباح والجن على موقع كابوس وتشعر بالرعب منها ، ربما تكون أنت نفسك جني أو شبح بالنسبة لأناس آخرين يعيشون في عوالم أخرى ! .. وعليه فأن الشبيه ربما لا يكون سوى نسخة أخرى عن نفس الشخص تظهر أحيانا بسبب خلل في القوانين الفيزيائية ، والأمر ذاته ينطبق على الأشباح والجن ، ربما تكون كائنات من عوالم أخرى موازية . وهذا الأمر نجد له صدى واضح في الموروث الديني حيث توجد نصوص مقدسة تشير إلى وجود عوالم أخرى خفية تعيش في نفس الحيز الذي نعيش فيه .
هناك نظرية أخرى تدعى انزلاق الزمن يمكن أن تقدم لنا أيضا تفسيرا محتملا لمسألة الشبيه ، هذه النظرية قريبة جدا من نظرية العوالم المتعددة ، ويزعم واضعوها بأن المراحل والحقب التاريخية لا تنتهي أبدا ، بل تستمر وتتكرر في أكوان وأبعاد زمنية أخرى ، يعني اجتياح المغول للعالم القديم لازال مستمرا لكن في بعد زمني آخر ، والحرب العالمية الثانية مازالت حامية الوطيس في بعد زمني آخر ، وربما أنتصر فيها هتلر ! .
هذه النظرية تبدو صعبة التصديق ، لكن علينا أن نتذكر بأن الزمن هو ليس شيء ثابت كما نتصوره ، هذا ما أثبته اينشتاين بنسبيته وأكدته الدراسات والبحوث العلمية على مدار العقود القليلة الماضية . ولنأخذ مثالا بسيطا يوضح الأمر ، تصور بأن هناك مجموعة شمسية أخرى تبعد عنا مقدار 200 سنة ضوئية وتضم كوكبا مأهولا من قبل كائنات أكثر منا تطورا ، وبينما نحن نتحدث الآن فأن هناك كائن من سكان ذلك الكوكب يحدق إلينا عبر تلسكوب متطور يتيح له رؤية تفاصيل دقيقة جدا .
ماذا تعتقد بأنه سيشاهد حين ينظر إلى الأرض ؟ ..
هناك قصص عن اناس عاد بهم الزمن الى عصر آخر ..
دعني أفاجئك .. ما سيشاهده ذلك المخلوق هو ليس أرضنا الحالية ، بل الأرض في عام 1814 ، لأنه ينظر إلى الشعاع الذي غادر كوكبنا قبل 200 عام – فرق المسافة الضوئية بيننا - . ذلك المخلوق سيشاهد جيوش الحلفاء وهي تتأهب لدخول باريس بعد هزيمة نابليون في معركة لايبزج .. لكنه لن يرى برج إيفل حتما لأنه لم يكن قد شيد بعد .
طبعا قد يقول قائل بأن فكرة وجود نسخة حية وملموسة عن حقبة تاريخية معينة تبدو أمرا خياليا . لكن التاريخ لا يخلو من تجارب حقيقية زعم أبطالها بأنهم عاشوا حقا – لفترة قصيرة – في أجواء تاريخية تسبق عصرهم ، لعل أشهر تلك القصص هي قصة الآنستان موبرلي وجورديان اللتان وجدتا نفسيهما فجأة في عصر وزمان آخر أثناء زيارتهما لقصر الفيرساي في فرنسا وقد كتبنا عن تلك القصة بالتفصيل في مقال سابق . ناهيك عن أن فكرة السفر إلى حقب تاريخية مختلفة ماضيا ومستقبلا هي أمر ممكن الحدوث بحسب بعض النظريات العلمية الرصينة لو توفرت لنا التكنولوجيا المناسبة للقيام بذلك .
ولو افترضنا جدلا بأن هذه النظريات صحيحة ، أي وجود أبعاد وعوالم زمنية مختلفة ، فلا يستبعد أن يكون الشبيه هو مجرد تكرار لفترة سابقة من حياة نفس الإنسان لكن في بعد آخر ، يعني لتوضيح الأمر أكثر تصور بأن هناك تسجيل يصور لعبك الكرة في باحة منزلك قبل عامين ، هذا التسجيل محفوظ بشكل حي في بعد آخر ، وفي حالة حدوث تداخل ما بين الأبعاد لسبب ما ، فأن ذلك التسجيل سيعاد ، أي أنك ستقف في نافذة حجرتك وسترى النسخة الأخرى منك تلعب الكرة في باحة منزلك كأنك تنظر إلى شريط فيديو ، وطبعا التفسير الوحيد في جعبتك لهذه الظاهرة سيكون الشبيه .

الإسقاط النجمي

السفر الى عوالم علوية بالجسد النجمي
هو أحد تفسيرات تجارب الخروج من الجسد (out-of-body experience ) ، ويزعم مريدوه بأن كل جسد مادي لديه جسد نجمي على شكل هيئة أثيرية منفصلة عنه وقادرة على مغادرته والتحرك خارجه .
طيب لماذا أسموه بالنجمي ؟ .. ببساطة لأنه مرتبط بعالم علوي أو كوكب نجمي مختلف عن عالمنا المادي الذي نعرفه . ومن خلال التمارين الروحية والتدريب المكثف والتأمل والتصوف فأن الإنسان قد يتمكن من التحكم بجسده النجمي والسفر بواسطته إلى تلك الكواكب والعوالم العلوية فيما يبقى جسده المادي على الأرض مرتبطا بالجسد النجمي بواسطة خيط فضي رفيع .
لكن ليس جميع من مروا بالاسقاط النجمي تدربوا عليه أو كانوا من المتصوفة ، أحيانا يحدث الأمر بشكل طارئ وعرضي لأشخاص عاديين ليست لهم علاقة بالتمارين الروحية وليس لهم أية دراية بمفهوم الإسقاط النجمي ، هذه الحالات تحدث غالبا أثناء النوم ، وقد يظن من يمر بها بأنها مجرد حلم شديد الغرابة . ولنأخذ أمثلة من وحي تجاربكم في الموقع :
كتب أبو عمر الشامي قائلا :
"  كنت نائما فرأيت و كأنني انظر إلى نفسي من فوق و كأنني معلق بسقف الغرفة , رأيت نفسي نائما و كل أغراض الغرفة من أعلى , السرير الطاولة بما عليها الخزانة الساعة ... ثم أخذت اقترب من نفسي حتى اندمجت معها عندها فتحت عيني و قد استيقظت و لكنني أحسست بسخونة تجتاحني بدئا من قدمي مرورا بكامل جسدي . شعرت بالخوف من هذا الشعور و أخذت أقرا المعوذات " .
وكتبت وفاء لطيف تقول :
" بعد يوم شاق من الأعمال المنزلية الملقاة على عاتقي كأم تعتني بصغارها أويت كالمعتاد إلى فراشي منهوكة القوى . في تلك الليلة حدث أمر مريب لا أزال اذكره رغم انه قد مضى عليه أكثر من ثمانية أعوام . كانت الغرفة تغرق في ظلام دامس ثم لم يلبث أن هب نسيم بارد , أحسست بقشعريرة تجتاح جسدي وشيء ما يشل جميع أطرافي ويتركني معطلة بالكامل , اجتاحني إحساس غريب بعدم الأمان ثم أحسست بأنني استحلت مثل سحابة من غبار أعوم في ظلام الغرفة ثم لم البث أن اكتشفت بأنني قد خلعت جسدي وخلفته ورائي مرميا على السرير , كنت واقفة فرب السرير معزولة تماما خارج جسدي أتأمله عن بعد عاجزة عن التحكم به , شعرت بهلع وأنا ارقب شيء ما أو كيان حالك السواد يحوم حول جسدي ويحاول أن ينزلق بطريقة ما إلى راسي كانت محاولاته تترك جسدي يرتجف ويشعرني بالآلام متلاحقة, ولكن صدى لصوت خفي في داخلي اخذ يلح ويدعونني لان اردد خلفه قائلة " الله نور السماوات والأرض " ولم البث أن أحسست بالألم بدا ينحسر رويدا رويدا وضياء الفجر يتسلل من النافذة وينتشر مفترسا الظلام ... استيقظت وأنا أتحسس وجهي وأتساءل إن كان ما مررت به في تلك الليلة مجرد حلم " .
موضوع الأسقاط النجمي واسع ومتشعب ، وقد كتبنا عنه سابقا في الموقع لذا لا أريد أن أتوسع فيه أكثر . لكن ما يعنينا منه هو أنه يقدم لنا أحد التفسيرات المحتملة لظاهرة الشبيه ، على فرض أن الشبيه ما هو إلا تجلي لذلك الجسد النجمي الذي يسافر أحيانا خارج أجسادنا .

طاقة الذهنية

بحسب بعض العلماء المهتمين بالخوارق والباراسيكولجي ، فأن الأفكار يمكن أن تتجلى أحيانا على شكل طاقة ذهنية تتخذ هيئات مختلفة من دون أن يشعر الإنسان نفسه بذلك ، بمعنى آخر فأن جميع قصص الأشباح والجن والشبيه ما هي إلا تجلي لقدراتنا الذهنية الكامنة التي تحفزت عن طريق مشاعر معينة كالرعب أو الغضب ، وقد تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل في مقال . 

أمراض نفسية وهلوسة بصرية

أخيرا فأن أغلب العلماء لا يأخذون كل ما ذكرناه وسطرناه أعلاه على محمل الجد ولا يرون فيه سوى  خيالات وأوهام ناجمة عن أمراض نفسية أو ربما تكون نتيجة لتعاطي بعض الأدوية والعقاقير والمخدرات التي تؤثر على أداء الدماغ .
شخصيا عرفت بعض المدمنين على العقاقير التي تسمى بحبوب الهلوسة ، وقد ذكروا لي كيف أن تلك الحبوب تترك تأثيرا عجيبا على أدمغتهم وتسبب لهم أنواعا وضروبا مختلفة من الهلوسة الذهنية والبصرية . كما أن علم النفس يغص بأنواع الفصامات التي تجعل المريض يتخيل أوهاما لا وجود لها سوى في عقله .

ختاما ..

حدثت صديقا لي عن مضمون مقالي هذا قبل نشره بأيام ، فضحك مني وتساءل ساخرا : هل تؤمن حقا بهذه الخرافات التي لا تخضع لأي منطق ؟ .. وقد فكرت في كلامه كثيرا ، لا أخفيكم بأني في مرحلة ما من حياتي ، بعد أن اتخمت عقلي بالقراءة وظننت - مخدوعا - بأني وصلت إلى مستوى فكري يتسم بالصلابة والثبات ، قررت أن لا أؤمن سوى بالمنطق وأن أكون عقلانيا في نظرتي لكل شيء .. وهنا أنا قد نيفت على الأربعين ، أنظر ورائي لا أرى سوى خراب ، أحدق أمامي لا ألمح سوى سراب ، وأحاول عبثا ، كالغريق الذي يتشبث بقشة ، أن أجد المنطق الذي أمنت ووثقت فيه طوال حياتي ، لكني أفشل في ذلك ، لم أعد أرى شيئا منطقيا ، لا أرى منطقا في قدومي إلى هذه الدنيا مثلما لا أرى منطقا في رحيلي عنها ، ولا في أن أحيا طوال عمري تحت رحمة أناس فاشلين متخلفين .. لا أعلم ربما أنا أقترب من الجنون بخطوات حثيثة ، أو ربما أكون مجنونا سلفا ، لكني أقول بما أن الحياة فاقدة للمنطق ، فما المانع في أن يكون هناك شبيه ؟ .. وما المانع في أن يكون كل ما سطرناه أعلاه واقعا ؟ .. أنا شخصيا أجد الكثير من العزاء في وجود نسخة أخرى مني لأني غير راض تماما عن النسخة الحالية ، من الرائع فعلا وجود نسخ أخرى سلكت اتجاها معاكسا للخيارات الفاشلة الكثيرة التي اتخذتها في حياتي ، وهي تعيش الآن بسعادة في أكوان أخرى ، مجرد التفكير في ذلك يشعرني بالارتياح .

الجمعة، 1 أغسطس 2014

فاسيلي كوماروف .. ذئب موسكو


ذئب موسكو .. السفاحا الذي ارعب الروس في العشرينيات ..
في احد الأيام من عام 1921 كان الفلاح العجوز دميتري يتجهز للذهاب إلى منزل صديقة تاجر الأحصنة فاسيلي كوماروف , كان مسرورا لأنه كان يود أن يشتري حصانا يختصر به المسافة الطويلة بين المزرعة وبيته .. سار دميتري حتى وصل إلى بيت صديقة فطرق الباب , ففتح فاسيلي الباب واستقبل صديقة الفلاح بوجه بشوش ودعاة إلى الدخول لمنزلة المتسخ الحقير , فدخل دميتري إلى المنزل وتبادلا الحديث فيما بينهما وعرفه على زوجته صوفيا , وكان فاسيلي يحرص على الإفراط في تقديم الشراب لصديقة الفلاح , وبعد جلسة طويلة كان السيد دميتري في حالة من الثمالة , عندها أدرك فاسيلي أن الوقت قد حان , فاستأذن من ضيفة بحجة أن زجاجة الفودكا قد نفذت وانه ذاهب لجلب زجاجة أخرى , وترك الضيف مع زوجته صوفيا وهما يتناقشان , لكن بعد فترة قصيرة عاد فاسيلي وبيده مطرقة صغيرة , وقد تبددت ملامح وجهة البشوشه إلى ملامح مخيفة وكأنه مجنون , فقام بمباغتة دميتري بضربة قوية على رأسه , فصاح العجوز صيحة مدوية وسقط على الأرض مضرجا بدمائه , وكان جسده يرتجف من شدة الضربة والدماء تتدفق من رأسه , وفي تلك الإثناء انهال فاسيلي على ضيفة بضربة ثانية على رأسه .. وثالثة .. وأستمر بضربه ولم يتوقف إلا بعدما أدرك انه لا يضرب سوى قطع لحم متناثرة على الأرضية .
بعدما أتم كوماروف عملية القتل قام بسحل جثة ضيفة إلى المطبخ بينما كانت زوجته تنظف أرضية المنزل الغارقة بالدماء , وفي المطبخ قام فاسيلي بوضع الجثة على طاولة قذرة , ثم ذهب إلى الفناء الخلفي وعاد حاملا بيده منشار وحقيبة جلدية وقام بتجريد الجثة من الملابس وقطع اليدين والرجلين , وقطع الجسم إلى نصفين , ثم وضع كل هذه الأجزاء في الحقيبة الجلدية , وعندما انتهى من هذه العملية المضنية عاد فاسلي ويديه وملابسة ملطخة بالدماء , فركع مصليا بخشوع من اجل أن يرحم الرب تلك الروح التي قتلها !! .. وقد وصف فاسيلي تلك العملية قائلا : ( لقد كان عملا متعبا , لكنه أستحق العناء , فذلك العجوز كان يحمل معه 30 روبلا ) .

من هو فاسيلي كوماروف ؟

صورة نادرة ويتيمة لفاسيلي ..
ولد بيتروف فاسيلي تيرينتيفيتش عام 1878 لعائلة فقيرة ، في مقاطعة فيتيبسك في روسيا , كان والدة مدمنا على الكحول , وكان دائم الضرب لفاسيلي , وبسبب التربية السيئة التي نشأ عليها فقد أدمن فاسيلي على شرب الكحول منذ سن السابعة عشر وفي تلك الفترة ارتكب أولى جرائمه , فقام بقتل احد الأشخاص وحكم عليه بالنفي 3 سنوات في احد معسكرات الأعمال الشاقة (كاتورغا) بتهمة القتل غير المتعمد لأنه كان ثملا ساعة وقوع الجريمة .
بعد الإفراج عنه في سن العشرين تزوج فاسيلي , وفي عام 1905 اندلعت الحرب اليابانية - الروسية فالتحق فاسيلي بالجبهة , وبعد محاولة فاشلة لسرقة احد المستودعات العسكرية تم سجن فاسيلي لمدة عام كامل , وخلال تواجده في السجن توفيت زوجته بمرض الكوليرا .
بعد إطلاق سراحه تزوج فاسيلي ثانية من امرأة تدعى صوفيا , وهي أرملة و أم لولدين , والتي ستصبح شريكته في جرائمه المستقبلية , وكان دائم الضرب لها ولأولادها . وبعد اندلاع الثورة البلشفية انضم فاسيلي إلى صفوف الجيش الأحمر لفترة قصيرة وتم أسره من قبل الجيش الأبيض , فقضى مدة في الأسر ثم أطلقوا سراحه فقام بتغيير اسمه إلى فاسيلي كوماروف وانتقل للعيش في موسكو , في شارع شابولوفكا .

الحرب الأهلية الروسية وفاسيلي

الجيش الاحمر سائر لمناجزة الجيش الابيض ..
كانت الحرب الأهلية الروسية فضيعة , أودت بحياة 13 مليون روسي , ويعود سبب اندلاعها لمجموعة من العوامل الخارجية والداخلية . إذ كانت هناك مشاكل ومماحكات مستمرة بين البلاشفة والحكومات الغربية لأسباب عديدة منها امتناع البلاشفة عن دفع الديون التي كانت تدينها الإمبراطورية الروسية لبريطانيا , وانسحابهم عن الحرب العالمية الأولى , وفضحهم لاتفاقية سايكس - بيكو .. كل هذا دفع بريطانيا والقوى العظمى للتحرك من اجل القضاء على تلك الحكومة المعادية لسياساتهم عبر دعم الجهات التي كانت ناقمة على الثورة البلشفية . وأبرز هذه الجهات طبعا كانت طبقة النبلاء والإقطاعيين والبرجوازيين الذين صادرت الثورة ممتلكاتهم وأراضيهم وقامت بتوزيعها على الفلاحين والعمال . فقام هؤلاء بتكوين جيش أسموه الجيش الأبيض بتمويل غربي , وكان هذا الجيش يضم الضباط الموالين للقيصر والقوميين والاشتراكيين المعتدلين يساندهم رجال الدين . أما الجيش الأحمر فقد كان مكونا من ملايين العمال والفلاحين اللذين وقفوا بجانب البلاشفة خوفا على المكاسب التي حققوها في ظل الثورة .
كانت حرب وحشية من الطرفين تسببت في ظهور مجاعة عام 1921 وكانت لها  آثار سلبية على نفسية الشعب الروسي ومن ضمنهم بطل قصتنا فاسيلي كوماروف .

جرائم القتل

فلاح روسي في الحقل ..
كما ذكرنا سابقا فأن فاسيلي انتقل إلى موسكو وهناك تظاهر بأنه تاجر أحصنة , كان يقوم بسرقة الخيول من المناطق المجاورة و يبيعها في منطقته بسعر غالي , لكن سرعان ما ترك مهنة السرقة بعدما تم سجنه عدة مرات . وفي عام 1921 كان البلاشفة الشيوعيين في طريقهم نحو النصر لكن المناطق التي حرروها كانت في حالة يرثى لها , وكانت المجاعة تهدد حياة 19 مليون روسي الأمر الذي جعل (لينين) يقوم باستحداث خطة النيب الاقتصادية ( وهي خطة تقوم على تراجع مؤقت عن الاشتراكية وتسمح للفلاحين بالاحتفاظ بالفائض من محاصيلهم وتسمح للأجانب بالاستثمار في روسيا ) , وكانت خطة ناجحة بالفعل , إذ تمكنت من إنعاش الاقتصاد ورفعت المستوى المعاشي للفلاحين , وربما كان لهذا الحدث اثر كبير في نفسية فاسيلي فقد كان يرى حياة الفلاحين تزدهر وتنمو وثروتهم تزداد في حين كان هو عاطلا عن العمل مدمن على الكحول , لهذا لم يكن لفاسيلي خيار آخر غير القتل من اجل الحصول على المال . وكانت أولى جرائمه هي قتل الفلاح العجوز دميتري كما ذكرنا بالتفصيل في بداية المقال.
كانت طريقة فاسيلي المفضلة في القتل هي تهشيم الرأس بمطرقة صغيرة , وبعدما ينتهي من تقطيع الجثة كان يضعها في حقيبة جلدية ثم يرميها في نهر موسكو . في البداية كانت عملية القتل صعبة بالنسبة لفاسيلي , لكنه أصبح محترفا بالتدريج وصار قتل الشخص وتقطيع جثته ورميها في النهر لا يأخذ منه سوى نصف ساعة .
فاسيلي قتل 15 شخص في عام 1921 , و12 شخص عام 1922 .
كان يضعهم في حقيبة ويرميهم في النهر ..
وقد تزايدت البلاغات عن مشاهدة السكان المحليين لحقائب جلدية تطفو على نهر موسكو , حقائب تحتوي على أحشاء بشرية , وبسبب تكرار المشاهدات انتشر الذعر والرعب في موسكو و أدركت الشرطة أنها تتعامل مع سفاح . وقد وصل الخبر إلى فلاديمير لينين الذي أمر شخصيا بتحويل القضية إلى الضباط الأكفاء في جهاز تشيكا ( جهاز المخابرات السوفيتية ) , لكن مع ذلك لم يتوقف فاسيلي عن القتل , وكانت هناك سيدة تدعى اولغا تيميشينكو وهي قريبة احد الضحايا الذين قتلهم فاسيلي , بدأت تشك بفاسيلي لأنها آخر مرة شاهدت فيها قريبها كانت وهو يهم بالدخول إلى منزل فاسيلي , فقررت إبلاغ الشرطة , لكن فاسيلي علم بنيتها , فدعاها للحضور إلى منزله بحجة إبلاغها عن مكان قريبها , ومع الأسف انطلت عليها الخدعة .
فاسيلي أراد أن يقتل السيدة أولغا بطريقته المعهودة , فدعاها إلى شرب الخمر , لكنها رفضت , وقالت إنها لا تشرب الخمر , وعندما ألح عليها فاسلي صرخت بوجهه واتهمته بقتل قريبها , فحصلت مشادة كلامية بينهما غضبت السيدة اولغا على أثرها وقررت ترك المنزل , لكن على بعد خطوات فقط عن الباب قفز فاسيلي عليها مثل حيوان مفترس وخنقها بكل قوته حتى فاضت روحها , فقام بحملها إلى المطبخ ومددها على الطاولة ثم اغتصبها وهي ميتة , وبعد أن قضى وطره منها قام بتشويه وجهها بالمطرقة حتى لا يتعرف إليها أحد , وقام بتقطيعها  لينتهي بها المطاف في حقيبة جلدية طافية على نهر موسكو .
الطريف في قصة فاسيلي هو أنه كان رجل متدين يقضي الليل بأكمله وهو يصلي بخشوع من اجل أرواح ضحاياه ! .
بسبب المشاهدات المتكررة للحقائب الجلدية وتكاثف جهود الشرطة قرر فاسيلي دفن ضحاياه في الفناء الخلفي لمنزله بدل رميهم في النهر , وكانت زوجته تساعده في عملية الدفن , لكنها لم تنجو من شره , إذ قام بقتلها لاحقا بسبب شجار حدث بينهما , كما حاول قتل احد أبنائها لكنه تراجع بعد أن هددهم بأنه سوف يهشم رؤؤسهم إذا ما باحوا لأحد بسر مقتل أمهم .
وبعد تزايد الجرائم قامت الشرطة بنشر المراقبين السريين في كل أنحاء موسكو , واستعانوا بثلاثة أطباء نفسيين من اجل تحليل شخصية القاتل , وقد وصفه الأطباء بأنة رجل في الأربعينات من عمرة يستخدم أداة حادة في القتل وهذا ما يفسر رؤوس الجثث المهشمة وهدفه من القتل هو المال .
الشرطة تحفر الباحة الخلفية لمنزل فاسيلي ..
الشكوك حامت حول فاسيلي بسبب تزايدت شكاوى الناس ضده , فمعظم الضحايا شوهدوا وهم يدخلون منزله قبل اختفائهم , حتى جاء ذلك اليوم الذي قررت فيه الشرطة تفتيش منزل فاسيلي , فتقدم احد الضباط وطرق باب منزله برفقة عدد كبير من رجال الشرطة , وعندما فتح فاسيلي الباب قالوا له أنهم يريدون تفتيش منزله , فحاول فاسيلي تمالك أعصابه وقابلهم بوجه بشوش وابتسامة لطيفة مرحبا بهم , إلا أن بوادر القلق بدأت تظهر عليه , بالرغم من أن الشرطة لم تعثر على شيء , فقد حرص فاسيلي على التخلص من كل الأدلة التي تثبت جرائمه .
وبعد الانتهاء من التفتيش كان رجال الشرطة يغادرون المنزل , وشعر فاسيلي بارتياح كبير , لكن احد الضباط لاحظ الارتباك الذي كان يعلو وجه فاسيلي فعاد مجددا وقال له أنهم يريدون تفتيش الباحة الخلفية للمنزل , نزل كلامه كالصاعقة على رأس  فاسيلي وبدأ وجهه بالاصفرار . وحين خرجوا إلى الباحة قال فاسيلي لرجال الشرطة انه يشعر بالبرد , وطلب أن يعود إلى داخل المنزل ليأتي بمعطفه . فوافق رجال الشرطة , ثم أخذوا يفتشون الباحة ويحفرون أرضيتها . وفي هذه الأثناء كان فاسيلي قد قفز من إحدى نوافذ المنزل وفر هاربا .
الشرطة عثرت على عدد كبير من الجثث المتحللة مدفونة في باحة منزل فاسيلي والذي كان قد هرب إلى قرية نيكولسكوي على بعد بضعة كيلومترات من موسكو , لكن سرعان ما وقع في قبضة العدالة وألقي القبض عليه . وقد أثارت قضيته ضجة كبيرة في موسكو , وعند التحقيق معه قال بأنه بريء و لكن مع التعنيف والضرب اعترف بقتلة لـ 33 شخصا بينما كانت الشرطة تعتقد أن عدد ضحاياه هو 27 فقط . وعندما سأله القاضي : لماذا قتلت كل هؤلاء الناس ؟ .. أجاب مبتسما : من اجل المال .
كان الجميع يعتقدون أن فاسيلي هو شخص مريض نفسيا , لكن التقرير الطبي والفحص النفسي اثبت انه عاقل تماما ويدرك جيدا تداعيات أفعاله , فتمت محاكمته , أما أبناءه فقد تم نقلهم إلى احد ملاجئ الأيتام في موسكو , ويقال بأن احد أبنائه شارك في الحرب العالمية الثانية وأصبح جاسوسا لدى الألمان وجرى إعدامه بعد انتهاء الحرب بتهمة الخيانة.

المحاكمة والإعدام

الاعدام رميا بالرصاص في روسيا - صورة حقيقية -
تم الحكم على فاسيلي بالإعدام رميا بالرصاص , وقد غضب فاسيلي من الحكم وقال :( يجب أن تكرموني لأني قتلت البرجوازيين الأنذال ) . ثم أضاف قائلا وهو ينظر إلى ضباط المخابرات : ( يمكنكم الاستفادة من خبراتي بدل إعدامي .. فقط أعطوني مطرقتي الصغيرة وأعطوني أي سجين لليلة واحدة فقط وسأجعله  يعترف بأنه ملك انجلترا ) ! . ويبدو أن فاسيلي كان جادا في كلامه مما جعل الضباط يزدادون اعتقادا بأنهم يتعاملون مع رجل مختل عقليا .
وبعد إخراجه من المحكمة ليتم نقلة إلى السجن تدافع سكان موسكو وهم ينهالون عليه بالحجارة والشتائم .. وكانت من ضمنهم امرأة عجوز ضربت فاسيلي بالحجارة وصرخت بوجهة قائلة : ( من أصل 33 قتيل كم تركت ورائهم من يتيم يا ابن العاهرة ؟ ) ... وقد حاول فاسيلي الانتحار في زنزانته لكنة فشل , وفي ليلة 18 حزيران / يونيو 1923 تم سماع عدة أطلاقات نارية في ميدان رماية مبنى المخابرات السوفيتية , وفي صباح اليوم التالي كان العنوان الرئيسي لمعظم الصحف هو خبر إعدام أول سفاح في تاريخ الاتحاد السوفيتي .

هوامش :

1- تشيكا : ويسمى أيضا بلجنة الطوارئ أو لجنة الدفاع عن الثورة , وهو جهاز أشبه بأجهزة الاستخبارات وكان يمثل النواة الأولى للاستخبارات الروسية بشكل عام وتطور لاحقا ليصبح جهاز الشرطة السرية السوفيتية ان كاي في دي (NKVD ) .